كثيرا ما نردد ويردد خبراء الاقتصاد والاستثمار في العالم بان رأس المال جبان وان الاستثمار ورجال الاعمال لا يعملون الا في ظروف امنة وبلاد مستقرة ، الا اننا في فلسطين وخلال ما مرت به القضية منذ عشرات السنين استطعنا ان نخط معالم اقتصاد فريد ومن نوع مختلف لم يعهده العالم من قبل، فترى وبعد كل جولة عدوانية من قبل الاحتلال مصانعه مدمرة ومنشأته معطلة ، وخسائر بالملايين ، الا اننا سرعان ما ننفض عن انفسنا غبار المعارك لنعود الى البناء والتطوير والعمل ، وان خير دليل على ذلك يتجسد في ان هناك كثير من المصانع والمنشئات الاقتصادية والصناعية تم تدميرها وضربها اكثر من ثلاث او اربع مرات خلال اقل من سبع سنوات .
ان مؤسسات ومنشئات ومصانع القطاع الخاص ورجال الاعمال جسدوا ولا زالوا اسطورة في الصمود والتحدي والبقاء بل واخذو زمام المبادرة في كثير من الاحيان لمعالجة كثير من الازمات المجتمعية والوطنية الى جانب ازماتهم، من طلقين بذلك من مبدأ مسئوليتهم الوطنية والاجتماعية اتجاه الشعب الفلسطيني بكل مكوناته ومقوماته .
لقد وقفت مؤسسات وشركات القطاع الخاص في حرب الايام الثمانية على قطاع غزة موقفا مشرفا يعبر عن اصالتها وعمق انتمائها لبلدها ومجتمعها، فلقد تنوعت وتكاملت الادوار التي ادتها هذه المؤسسات والشركات ، وللتاريخ نذكر هنا جمعية رجال الاعمال الفلسطينيين والتي لم تغلق ابوابها خلال ايام الحرب وظلت مفتوحة طوال ساعات اليوم وابلت حسنا في مساعدة المشردين وتزويدهم باحتياجاتهم الاساسية من مأكل ومشرب وغير ذلك ، اضافة الى وقفتها المساندة مع مؤسسات الاعلام والتي حاصرها القصف ومنعهم من التحرك من خلال مدهم بالغذاء والماء وغير ذللك ، وعلى الجانب الاخر من المشهد رأينا شركات الاتصالات تطلق المبادرات لمساعدة اهلنا المتضررين من هذا العدوان الغاشم ، وهنا نذكر ايضا شركة جوال وشركة الوطنية موبايل وبنك فلسطين من خلال ما قدموه من حملات هدفها تقديم يد العون والمساعدة لأهلنا وشعبنا الفلسطيني الحر .اننا اليوم اذ نشيد بهذا الدور وبهذه المسئولية الوطنية الكبيرة والمقدرة من مختلف اطياف الشعبي الفلسطيني ، ندعو مختلف الشركات والمؤسسات الوطنية الاخرى لتحذو هذا الحذو ولتعبر عن عمق انتمائها لهذا الشعب ولهذه القضية، وان تقدم ما تستطع ان تقدمه، فكل الادوار تصنع الصورة الكبرى الناصعة لصمود وثبات شعبنا واهلنا.وهنا نعود ونشدد باننا لم نرى يوما نموذج كما هو في فلسطين وتحديدا في قطاع غزة من هذا الصمود والتحدي من اجل البقاء ، فلم نرى شركات تغلق ابوابها وتهاجر للخارج ، او رجال اعمال هربوا بعائلاتهم او شركات كبرى تخلت عن موظفيها او بنوك وطنية فلسطينية اغلقت ابوابها.لقد سطر الجميع في هذه الملحمة البطولية اروع الصور وابهاها ، من خلال اللحمة والتعاون والتكاثف والعمل المشترك المتكامل بهدف حماية ورفعة فلسطين وشعبها واهلها الذين نعتز اننا جزء اصيل منه.
